مكمن الأمن القومي الإيزيدي: 2/2
الكاتب : علي سيدو رشو
إذن أين يكمن مصدر التهديد للأمن القومي الإيزيدي هل هو في قيادته غير القادرة على مجارات التقدم التكنولوجي والتغير الاجتماعي والسياسي الحاصل بشكل يومي ؟
هل هو في المطالب القومية بمعزل عن الخصوصية الدينية؟
وإذا ما تحقق الجانب القومي ، هل الإيزيديين في مأمن فيه من دون ضمانات ؟
متى كانت القومية تشكل مشكلة للأمن القومي الإيزيدي ؟ هل هي في عدم وجود خط سياسي واضح المعالم لكي يدخل معترك الحياة والتي اثبتت الوقائع بأنه من أهم أركان الاعتماد في ظل الاوضاع الراهنة؟
وقد برهنت صحة ذلك اختيارات الوزراء وتقسيمها على الاحزاب السياسية العاملة في الساحة الكردستانية بعد التفكير بتقليص عددها إلى 18 وزارة، فاين تكون حصتهم من هذه الوزارات من دون حزب سياسي يفرض عليهم (حصته) من خلالها؟
وإذا حصل هذا، هل أن الأمن القومي الإيزيدي في مأمن من الجيران عقب الخلل الهائل في نفسية وتركيبة المجتمع العراقي بعد سقوط النظام؟
لماذا الحرب على الإيزيدية من دون بقية الفئات في كردستان في تشكيل حزب سياسي وفرض الوصايا عليه؟
كيف يمكن رأب الصدع الذي أفرزته الاحداث بعد كارثة الشيخان وما تلاها في بعشيقة والتي توجت بما جرى في القحطانية والجزيرة؟
كيف لنا أن نفكر في الوضع الحالي؟ وما البديل في حال عدم تلبية الحد الادنى من متطلبات الواقع؟
كيف يمكن المحافظة على الذي تحقق ايجابيا؟
كيف يمكننا تجاوز السلبيات؟
أسئلة كبيرة بحاجة إلى رؤية مستقبلية وثاقبة ومن دون نفاق، ولكن لنرى بعض ما يجري الآن لعله نستطيع أن نبني عليه في المستقبل.
1- لنفحص جغرافية الإيزيديين في العراق مثلا وأهميتها الجيوسياسية؛ يتركز وجود الإيزيديين في الشريط (المتنازع عليه) الفاصل بين حدود المطالب الكردية-العربية ابتداءً من حدود سوريا إلى جبل مقلوب، حوالي 25 كم شمال شرق مدينة الموصل باتجاه مدينة أربيل. وهي مسافة تعدو أكثر من 250 كم طول وتعتبر منطقة نزاع ملتهبة، وخطاً استراتيجياً مهما للحفاظ على الأمن القومي الكردستاني (وليس الكردي فقط)، وفي نفس الوقت تعتبر مفصل أساسي لربط اكراد العراق مع الاكراد في كل من سوريا وتركيا (ومن هنا أهمس في أذن القيادات الكردية بأن لا تخطأ مع الإيزيديين وتبني حساباتها على ما يزينها لهم مجموعة، قد لا يهمها سوى مصلحتها). يتخلل على طول هذا الخط وجود قبائل مختلفة في الانتماءات العشائرية والعرقية؛ وهي في غالبيتها لا تكن الود والمحبة للسياسة الكردية. ومنها عشائر شمر في ربيعة، والجحيش (والجرجرية) في سنجار وزمار، والتركمان في تلعفر، والحديديين في الشيخان، والشبك والكلدواشوريين في بعشيقة والقوش وبرطلة وقرقوش. وأن كل من العرب والاكراد يعولون على الايزيديين وجغرافيتهم لكونهم ليسوا في وضع يستطيعون فيه ترتيب أوضاعهم وتوحيد كلمتهم وفرض رأيهم على الآخر، وبالتالي ربط مصالحهم العليا بأمنهم القومي بحيث يقفوا موقف واحد بعد تحديد مطالبهم المشروعة. وأن التركمان والكلدواشوريين والشبك، لهم من يدافع عنهم بحكم العامل السياسي السائد الآن وما لهم من علاقات مع جهات وأحزاب بامكانها توفير الدعم اللوجستي والمادي المطلوبين في وقت الحاجة.
ولكن ما الحل مع الوضع الإيزيدي؛ فبعد حصول التصدع العميق في علاقة الإيزيديين مع المناطق العربية المجاورة وما حل بهم بعد مأساة الشيخان في 15/شباط/2007، وجريمة 22/نيسان/2007 بقتل 24 عامل نسيج إيزيدي من بعشيقة في الموصل، والتهديدات التي تلقاها الإيزيديين على ايدي جماعات متطرفة في مدن العراق وخاصة الموصل بترك العمل والدراسة والمصالح واستباحت الممتلكات والعقارات، وما توجته كارثة 14/8/2007 في كل من القحطانية والجزيرة، وما تلاهما من تداعيات وما رافقتهما من تداخلات. اصبح من شبه المستحيل العيش مع الوسط العربي، وهذا ما يعول عليه الجانب الكردي والتي ساهمت بفعالية في خلقه وخاصة في سنجار، لما لخلق هذا الوضع من ضرورات يتطلبه الامن القومي الكردي، وبالأخص بعد كارثة 14/آب/2007. ولكن علينا أن لاننس، بل ما يعرفه الاخرون، بأن الذي حصل كان بسبب التأييد الذي أبداه الإيزيديين للسياسة الكردية وتوفير الحماية والدعم اللوجستي وتسهيل مهمتهم في البقاء في المناطق الإيزيدية المذكورة (رغماً عنهم بسبب غياب الدولة)، مما وفرت الأرضية والحجة للإنتقام فيما بعد. أي أن الوجود الإيزيدي مهدد في جغرافيته من قبل الطرفين (من طرف السياسة الكردية بضم تلك المناطق إلي جغرافيتها وما يرافق ذلك من تحقيق مصلحتهم العليا على حساب الإيزيديين، كما هو الآن، وخاصة منطقة سنجار التي تربط أكراد العراق باكراد سوريا كما سبقت الإشارة. ومن الطرف الآخر لما يترتب على ذلك من ردة الفعل العربية تجاه هذا التصرف الكردي وحماية الإيزيديين لتلك المصالح). ولكن، ايهما أفضل في المحصلة لكي يكون لنا معه شراكه؟
فكنا منذ الأول نركز على تكوين علاقة مع القوى السياسية الكردية، (وهنا لا أعني التقرب من جهة معينة لكي لا تفهم الرسالة بشكل خاطيء) بحكم المشتركات، ولكن يجب أن تحكمها شروط وضمانات دستورية. وعندما تحدثت بهذا الأمر قبل اربعة سنوات من الآن، أتهمني (المخلصين) بأنني احاول فصل الإيزيدية عن الأكراد وأن علي سيدو عربي ويؤكد العروبة)، اللهم إني بري من هذا الفكر وإنما أؤكد وسوف استمر في أن يكون للإيزيدي شخصيته، من دون وصايا كما لغيره. وفي حديث مع مسئول الحزب الديمقراطي في سنجار انتفض عندما طرحت له مسألة الضمانات والحقوق الدستورية وقال؛ إنني لا أوافقك الرأي في هذا لإنك بهذا المطلب تصٍغر من حجم الإيزيدية وشأنها، أليسوا أكرادا مثلنا؟. وبهذا الكلام أختزل الرجل المسئول المنطقة التي يديرها من كامل خصوصيتها ووضعها في الجيب الكردي والسلام ونبارك للشعب الكردي لما حقق بعد تضحيات جسام، ولكن لا نتمناها ان تكون على حسابنا. عليه، يفترض أن نفٍهِم القوى السياسية الكردية، بأنهم تبّنوا مسئولية المناطق الإيزيدية أمام القوات الامريكية والقيادات العراقية المتعاقبة لأنه تم طرح مسألة الإيزيديين كنقطة يجب تدارسها، في حين لم يتم طرح أسم السورجية أو الزيبارية أو البارزانية، وهذا دليل على أن الدولة كانت على دراية تامة بخصوصية هذه الشريحة. ومن بعد ذلك تعاون الإيزيديين مع قدوم القوات الكردية وكانت محل ترحيب، فاستفادوا من المنطقة جيو-سياسياً كخط حماية لأمنهم القومي وإضافوا منطقة جغرافية مهمة إلى كردستان، وهذا بالمقابل يفرض عليهم التزامات أخلاقية ودستورية. ومن هذا يتوضح بأن الإيزيديين ليسوا عشيرة كردية مثل الزيبارية أوالهركية مع جل احترامنا لهم. ومن الواجب علينا أن لا ننسَ أحداث التاريخ المؤلمة، بل أن نضع في اعتبارنا المصلحة العليا للحفاظ على الأمن القومي الإيزيدي من التهديد، من خلال ضمانات دستورية واضحة وغير خاضعة للإجتهادات والمزاجات الشخصية. وفي نفس الوقت المطالبة بحقوق المجتمع الايزيدي بدون مِنة من أحد، ورفض جميع الخطوط الحمر التي تتقاطع مع أمننا القومي في الهيمنة والتذويب في ثقافته من خلال إلغاء الخصوصية. كما يجب إفهامهم بان المطالبة بالحقوق العامة كالوظائف الدبلوماسية وبعثات الطلبة وتفعيل التعليم وتوزيع الخدمات والمشاريع على أساس الاستحقاق السكاني من ميزانية الدولة وغيرها هي ليست مطالب شخصية متصلة بالأمير وخاضعة للمزاجيات. وأن المطالبة بالمصالح السياسية هي الاخرى من الأمور المشروعة وليس لأحد الحق في الحد منها أو منعها أو مصادرتها لأنها تعد من الحقوق الاساسية للشعوب والمجتمعات. ومن ثم إفهام الجانب الكردي أيضاً بأن حصة الإيزيديين من ميزانية الدولة هي في جعبتهم، وبدلا من إقامة المشاريع الخدمية، فهي تتوزع على شراء الذمم. وايضا من حقنا الشرعي أن نضع في اعتباراتنا مصدر الخطر الذي يأتي منه التهديد لأمننا القومي، فلا فرق في المفهوم بين الهجوم على الشيخان يوم 15/2/2007، وبين الهجوم على سنجار بتفجير أربعة شاحنات في 14/8/2007.
أي أن لكل منهما أسبابه وتداعياته البعيدة المدى على الامن القومي الإيزيدي. ولكن ولكي نؤمن جانب الامان، وهذا من حقنا، يجب أن يكون لنا سند دستوري مكتوب يمكن الرجوع إليه في حالة حدوث أزمات من هذا الحجم، كونه الضمان الوحيد الذي يحافظ على كيان المجتمعات المتآلفة في رقعة جغرافية واحدة تتسم بالنزاعات العرقية والاثنية العنيفة، ويحافظ عليها من الزوال، حتى وإن كان على الورق. فمثلاً، هل يتنازل المواطن الكردي الهركي أو السورجي أو الزيباري وكذلك الجبوري أوالدليمي عن خصوصيته العشائرية للذوبان في بقية العشائر الكردية أو العربية (البارزانين والعبيد مثلا)؟ وإذا ما حصل انتهاك لحقه العشائري؟ ألا يدافع عن خصوصية إنتمائه العشائري إذا ما حصل خلاف بين عشيرته وما يجاورها من العشائر الاخرى؟ والجواب بكل تأكيد هو نعم سيدافع عنها بكل شراسة، فهل مطلبنا هو مجافي لما هو سائد في العرف العام بين المجتمعات الشرقية؟ لا أعتقد ذلك.
2- أما الوجه الثاني الذي يمكن أن يحمينا من التلاعب بمستقبلنا ومن ثم الحفاظ على أمننا القومي، فهو المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الانسان ومنها المهتمة بحقوق الشعوب المهددة بالانقراض. وما أعني بالانقراض هنا هو إخفاء الحقائق التاريخية لخصوصية المجتمع الإيزيدي في ظل أوضاع مرتبكة من التلاعب السياسي بمقدرات الغير واستغلال حجة الانظمة السابقة بتمرير مخطط يهدف منه الهيمنة وإلغاء الخصوصيات وفرض سياسة الأمر الواقع والحزب الواحد. ففي رأيي المتواضع إذا ما ذابت خصوصيتنا، فإننا قد تعرضنا للإنقراض وهو يعد من أسوأ الانواع قاطبةً لإنه يأتي بتخطيط ودراسة معمقين لواقع الحال. وأن تجريد المجتمع الإيزيدي من تراثه الاصيل تحت حجة التوجه القومي فقط، وبالتالي إضعاف حلقات ترابطه وتماسكه، سيجعله سهل الابتلاع والتذويب. وفي هذا المجال، يجب على الشخصيات الإيزيدية ومنظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بمركز لالش تحديداً، أن تكثف من جهودها بإدامة التواصل مع المنظمات الدولية والشخصيات العالمية ذات الشأن بحقوق الاقليات وإبلاغها بشكل مستمر عمّا يحصل من انتهاكات خطيرة في المستقبل الإيزيدي مهما كانت الجهة المسببة لتلك الانتهاكات (وهذا ما تفعله بدون ملل رابطة المثقفين الإيزيديين، حيث اصبح لها شأن كبير في البعد الدولي وخاصة مركز البحث والتوثيق في الاتحاد الاوربي ومنظمة العفو الدولية والقسم الخاص بشئون الاقليات، بل اصبحت معتمدة من قبلهم). وبذلك، ومن خلال تدوين الحقائق وتوثيقها دوليا سنكون في وضع نستطيع معه المطالبة بحقوقنا المهدورة مهما طال الزمن، في الوقت الذي لا نتمنى أن يصل بنا الأمر إلى هكذا أمر. ولكن الاحتياطات الامنية تعد من ضرورات المجتمعات التي تعيش في أوساط لا يسود فيها القانون على الاعراف والمصالح الشخصية والعشائرية. وهنا أود أن أذكر بأنه تم تخصيص 10 مليون دولار لعوائل الأقليات التي هجرت تحت التهديد، ولكن على حد علمي لم يصل ولو دينار واحد لأي إيزيدي، إضافة إلى 8 مليون يورو من ايطاليا لنفس الغرض. فلماذا إذن هذا الغبن والاجحاف والتمييز العنصري؟
3- والأمر الثالث والمهم هو حماية لالش دوليا وتسهيل مهمة السفر والحج إليها بحيث لا تخضع للهيمنة والابتزاز السياسي. فمنذ خمس سنوات لم تؤدِ المراسيم الخاصة بلالش كما يجب أن تحصل، في الوقت الذي تنعم كردستان باستقرار أمني وهو دليل صارخ على عدم أمان كردستان بالنسبة للإيزيديين. لذلك، فإن الإهمال وعدم القيام بتلك الشعائر سوف يعملان على تداعيات سلبية وتلاشي واندثار مهمة الحج وتفريغها من محتواها الديني بشكل يصبح معه الأمر كما لو لم تكن سوى مناسبة سياسية تؤدى من خلالها بعض المراسيم التي لها علاقة بالواقع السياسي وزيارة المسئولين إليها وكأنه مهرجان للمرح واللقاء والمديح والنفاق فقط، وهو ما يحصل الآن بالفعل.
4- بالنظر للخصوصية التي تكلمنا عنها كثيراً ولصعوبة التعامل مع الواقع، نرى بأن الاستمرار في وضع بقاء مناطق الإيزيدية معلقة في نزاع ما بين هذا وذاك (وقد تكون عرضة للمساومة السياسية)، وعدم حسم عائديتها بشكل واضح لحد الآن يعني لنا الكثير. أي إنه ستكون جميع تداعياتها السلبية على حساب المجتمع الإيزيدي وتقدمه من حيث ضياع الفرص السياسية والمطالبة بتحقيق التنمية بتوفير الخدمات الاساسية وإقامة المشاريع مما ترصد له الدولة والمرتبطة بحصة المناطق من الميزانية العامة في التعليم والصحة غيرها من الخدمات الاساسية. مما تحٍمل الإيزيديين أعباء اقتصادية هائلة لعوائل تعيش تحت خط الفقر المتقع في غالبيتها، وفي نفس الوقت زيادة الاحتقان ونقمة الآخرين. وقد حرم الالاف من الشباب من حق التعليم وخاصة النساء بسبب تقييد حرية الحركة والسفر والتي سيحرمها بشكل كامل من هذا الحق فيما إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن. ناهيك عما سيترتب على هذا التأخير من ضياع في مستقبل المجتمع الإيزيدي بين الحكومة المركزية والحزبين الكرديين من جهة وبين الحزبين الكرديين نفسيهما، ومن ثم تحديد عائديتها وما يترتب عليها من مساومات لا نعلم عنها وعن ما يخطط لمستقبلنا في الخفاء، لعدم وجود من يمثل الإيزيديين في مراكز صنع القرار. وبكلام واضح ومن غير رتوش فإن القوى السياسية الكردية سوف تستحوذ على المناطق التي تسكنها الإيزيدية سواءً شئنا أم أبينا وباي ثمن، وسواء حصل استفتاء أم لم يحصل، وعلينا معرفة ذلك. لأنه وبمعادلة بسيطة، فإن المطلوب كردياً، في غياب الدولة، هو ليس عدد من البشر الإيزيدي بقدر ما مطلوب جيوسياستهم وخيرات مناطقهم. أي أن المطلوب هو الجيوسياسيا الإيزيدية لحماية الأمن القومي الكردستاني، وربط مفاصله مع دول الجوار من خلالنا وليس الهدف هو الانسان الإيزيدي. وهذا ما صرح به سامي عبدالرحمن (سنجاري)، منذ فترة طويلة عندما قال: إن الجبل (يقصد جبل سنجار)، والتراب والماء والهواء هي كردية، فليقل المجتمع الإيزيدي بأننا لسنا أكراد في إشارة إلى ما تطالب به الحركة الإيزيدية من أجل الاصلاح والتقدم. أليس في هذا الكلام تهديد للأمن القومي الإيزيدي وإلغاءه كبشر؟ وهل أنكر الإيزيديين كرديتهم لكي تكال لها التهم مسبقاً؟ وهنا أريد أن أشدد بأن الإيزيديين رووا بدمائهم أرض سنجار والشيخان وبعشيقة ومعظم أجزاء كردستان (قبل إسلامهم). وأن إراقة القسم الأعظم من ذلك الدم كان بسبب مباشر من القيادات الدينية والسياسية الكردية. وعليه، فليس لأحد مٍنة علينا لكي يقول بأنه حافظ على وجودنا ووفر لنا الحماية من جهة معتدية، بل أن تقرير مصير الأرض التي رويناها بدماء شهدائنا حق طبيعي لنا نملكه نحن فقط حسب المواثيق الدولية. وإذا ما تطلبت الامور، فعلينا الحق بالمطالبة بأرض الاجداد وهو العمادية والكلك وإمارة داسن وعموم جغرافية الشيخان. وسنسعى إلى تجميع الخرائط والحقائق التاريخية والمخطوطات التي تبين أحقيتنا في الأرض التي رويناها بدمائنا وسلبت منا، قسراً بعد القتل والتشريد والسبي. وفي أعتقادي، فإن السياسيين يعرفون جيداً قبل غيرهم بأنه مهما طالت الفترة الزمنية، فإن الحقوق تبقى مزروعة في الارض، تنمو مع الزمن في حدود المطالبة بها، والدليل هو الحلم الذي حققته الحركة الكردية في العراق. فهل إخوتنا في القومية وفروا لنا الحماية من الأمير الأعور الكردي، أو من عبدالله الربتكي الكردي، أو من سياسة التجميع ومصادرة أراضي الإيزيدية للعرب، أو من تصفية الكوادر الإيزيدية في الحزبين الكرديين، أو من جعل مرقد لالش مدرسة إسلامية، أو من مسح الاماكن المقدسة والقبور من الوجود، أو الهجوم على الشيخان، أو الهجوم في الفنادق وساحات العمال، أو الإعلام الذي أشعل البيت الإيزيدي بمقتل دعاء، أو مصادرة الاصوات في الانتخابات وما ترتب عليها من المصالح السياسية، أو من مقتل 24 عاملا بسيطاً، أو من كارثة القحطانية والجزيرةأو نهب الميزانية وتوزيعها على شراء الذمم...........إلى آخره؟ وماذا جنى الإيزيديون من الكردياتي لحد الآن مقابل هذا العويل سوى الخيبة والقتل والتدمير والتهجير والتشريد وترسيخ الامية والتخلف والتقوقع وتدمير الاقتصاد وسرقة المستقبل؟ ومع ذلك، يبقى مشكوك حتى في ولائه القومي. ماذا تريد القيادات الكردية أكثر من هذا الذي قدمه الإنسان الإيزيدي من غير مقابل؟ كفى للظلم أن يستمر، وكفاكم استهتارا بقيم الناس، فخمس سنوات كافية للإختبار وحسن النية. وكفى أن تستمر هذه القيادات الإيزيدية المتخلفة والجبانة لتقود هذا المجتمع الاصيل إلى مصير مجهول. فلنبدأ كمثقين نتحاور، نتجاوز، نتعاون، نتحاشى، نختلف، نتفق، نؤسس حزب سياسي، نبدأ ببرنامج مجتمع مدني، ننهض بالدور الحيوي للمرأة، نتعصرن، وسوف نكسر هذا الطوق مهما بلغ من جبروت. ولكن ماذا اقول للسيد تفشو (المجهول الذي لا يستحق الرد عليه) حول تعليقه على الاسماء: أقول له، ما هو اسم؛ رئيس برلمان كردستان، وما اسم رئيس الاقليم ورئيس الجمهورية وسكرتير الحزب الديمقراطي (عدنان ومسعود وجلال وفاضل). يجب على الانسان ان يحمّر خجلا عندما يخطأ بحق الآخرين، وعليه أن يعتذر.
5- على الرغم من مناداة الحكومة العراقية بالمصالحة الوطنية وصرف المليارات عليها، فالواقع يقول غير الذي يدعونه. والدليل هو تطور وتفعيل المشاكل وتعميق العداوة فيما بين الاحزاب انفسها، وبالتالي إنسحاب الحالة على مؤيدي تلك الاحزاب بما تقدم من دعم لوجستي لمنتميها وخلق عداوة مستديمة بدلا من التنمية المستدامة والتراضي وربط الاحوال ببعضها. فعلى المجتمع الإيزيدي أن يفتح علاقاته مع جيرانه من العرب والتركمان والاكراد والكلدواشوريين والشبك بدون قيود وخوف والتحسب لاحداث التاريخ المستقبلية مهما كانت انتماءاتهم السياسية. لإنه لا يعقل أن الاحزاب السياسية هي التي تعمل على تعميق الخلافات العشائرية فيما بين المجتمعات المتآلفة أصلاً. وفي حقيقة الأمر يختلف وضع المجتمع الإيزيدي عن باقي مكونات الشعب العراقي بسبب العامل الديني، ويتطلب وضعهم تحسين العلاقات وفتح القنوات وإدامة التواصل مع الجميع بدون تمييز لما له من تاثير على واقعهم بخلاف الاخرين.
تتمة المقالة في الاسفل