الايزيديون..
رسالة الى العالم
عبدالمنعم الاعسم / الاتحاد
يستطيع الايزيديون العراقيون الآن ان يسجلوا انفسهم في قائمة الشعوب المنكوبة، فقد تعرضوا للابادة الانسانية ثلاث مرات، اولا بفتاوى الجهلة التي قضت بتكفيرهم واهدار دمائهم طوال عقود طويلة من عمر العراق حتى امسوا مواطنين من الدرجة العاشرة، وامسى اصحاب الفتاوى فيما بعد الى مزبلة التاريخ، وثانيا، على يد قوات علي حسن المجيد التي وضعتهم بين خياري الموت والاجلاء والانفال، او التعريب قهرا وقسرا، وقد دكت طائرات الدكتاتورية قراهم، وطاردت شتاتهم، وسدت عليهم منافذ النجاة، في جرائم لا سابق لوحشيتها، لم تسمع بها الامم المتحدة ولا منظمة العفو الدولية، ولم تهتز لها شوارب القبائل وحكوماتهم.
ويتعرض الايزيديون منذ عامين، وللمرة الثالثة في تاريخ العراق، الى حرب ابادة همجية تشنها عصابات البدو المنفلتة التي ترفع المصاحف وشعارات التحرير وانقاذ العراق من”الفوضى الخلاقة” وليس اخر المذابح التي ارتكبتها يوم الثلاثاء الدامي في قريتي القحطانية والجزيرة في شمال الموصل سوى حلقة اضافية مروعة في مسلسل المذابح التي تعرض لها الايزيديون على يد قوى البربرية المسلحة، وقبل ذلك تعرض العمال والموظفون المتحدرون من الطائفة، في الموصل وبغداد، الى عمليات قتل جماعي، وحوربت واغلقت ودكت العديد من منافذ العبادة التابعة للايزيديين، وتلقت عائلات وقرى ايزيدية كثيرة بيانات تهديدية بوجوب التخلي عن ديانتها واعلان انضمامها عنوة الى الدين الاسلامي وكتابه "هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" وبخلاف ذلك،فان حياة الايزيديين جحيم ودماءهم مهدورة.
وقد يتساءل الكثيرون عما وراء هذا الحقد الاعمى ضد السكان الايزيديين العراقيين من قبل الطغمة الدكتاتورية، وقبل ذلك الجهلة من اصحاب الفتاوى، وبلغ ذروته الاجرامية، الان، على يد العصابات المسلحة، التكفيرية الاسلامية والعروبية الجرباء، وقد يعتقد الكثيرون بان الامر يتصل بتصفيات حساب لها علاقة بسقوط النظام السابق، او بوجود القوات الاجنبية فيما الحقيقة تتمثل في تطبيقات المشروع الارهابي في العراق، واهدافه وعناوينه الرئيسية، فكل فئة او ديانة او عقيدة او قرية او حارة او مدينة تصبح مطلوبة للقصاص طالما لا تنخرط في هذا المشروع، وهذا يفسر اعمال القتل الجماعية الوحشية التي تطال المزدحمات المدنية من الاسواق والجامعات وطوابير العمال من غير تعيين طالما تنصرف الى الحياة المدنية السلمية.
ان المذبحة التي ارتكبتها العصابات المنفلتة ضد مئات من النساء والاطفال والمواطنين الايزيديين الامنين تعد رسالة فصيحة الى العالم لكي يتخلى عن موقف التفرج البارد، ولعل افضل موقف يمكن ان يخفف من مأساة هذه الطائفة الامنة، هو إغلاق منافذ الاوكسجين الاعلامي واللوجستي على هذه العصابات، وملاحقتها، حيثما تكون، وتحت اية خرقة تقاتل، ومن اي مستنقع حدودي تتسلل.
ــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــ
“ لا ادري كيف يزاول انسان اعمال القتل
ولا يحجر في اسطبل”.
انتوني كوين