ختصان بالآثار والتراث يدعوان للحفاظ على مدينة الموصل القديمة
2/12/2008
نينوى- أصوات العراق، دعا مختصان في مجال الآثار والتراث، الثلاثاء، للحفاظ على مدينة الموصل القديمة من الاندثار وتغيير خصائصها الوظيفية، فيما طالب باحث ومنقب للآثار في نينوى بالحد من التجاوزات وإجراءات الهدم التي تحصل فيها.
وقال ذنون يونس الطائي مدير مركز دراسات الموصل، خلال الندوة التي اقامها المركز تحت شعار (مورفولوجيا مدينة الموصل التراثية مقترحات تطويرية)، لـ(أصوات العراق) ان “الهدف من الندوة الدعوة للحفاظ على مورفولوجيا الموصل (علم دراسة الشكل) من الاندثار وتغيير خصائصها الوظيفية والتي أقيمت من اجلها إضافة إلى طرزها المعمارية، عبر بحوث قدمت إلى الندوة من قبل متخصصين”.
وأكد على ان المهمة الملقاة “على عاتقنا وعلى عاتق كل شخص تحتم التفكير مليا بالسبل المتاحة لإنقاذ مدينة الموصل التراثية بمعالمها الخلابة والتي تفصح عن العمق التأريخي وأصالة هذه المدينة وعراقتها وعطاء أهلها على امتداد التأريخ”.
وأشار، خلال الندوة التي عقدت على قاعة مركز الدرسات بجامعة الموصل، إلى أن النسيج العمراني للمدينة يدلل “على العقلية المتطورة والمنفتحة للمعمار الموصلي الذي أجاد في تخطيط التراكيب الداخلية للمدينة وجاءت مزدانة بالسمات الجميلة للعمارة الموصلية على صعيد النقوش والأفاريز والترويقات”.
وذكر الطائي رئيس اللجنة التحضيرية للندوة أن “15 بحثا قدمها باحثون بشكل منفرد ناقشت موضوع الندوة وتناولت التركيب الداخلي للمدينة وعمارتها وأسواقها وخاناتها وحمامتها ومساجدها وأديرتها وقلعتها وسورها، ولخصت البحوث إلى حشد من الأفكار والمقترحات التي من شأنها الحفاظ عل المتبقي أو إعادة المندثر من مورفولوجيا الموصل، وكذلك توجيه دعوة الى مؤسسة (اليونسكو) (والأغا خان) المهتمتين بتراث المدن القديمة”.
وتعتبر مدينة الموصل (405 كم شمال بغداد) احدى أهم المدن التأريخية كونها تقع قرب محافظة نينوى احدى عواصم الدولة الاشورية، وفيها تأسست اولى المكتبات (الالف الثاني قبل الميلاد) التي عرفتها الانسانية فيما بعد. نشأت مدينة الموصل على الضفة اليمنى من دجلة وقد سكنها آشوريون وقبائل من مملكة الحضر، سماها العرب الموصل لكونها ملتقى عدة طرق تربط الشرق بالغرب.
ومن جهته، قال الباحث وأستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة الموصل عماد الدين خليل لـ(أصوات العراق) أن “بحثي تناول تجديد الحياة في شرايين الموصل التراثية، لكي لا تبدأ من نقطة الصفر علينا أن نسترجع ما تم انجازه من محاولات في سياقين أساسين حماية ما يمكن حمايته من التآكل والفناء ومحاولة تجديد الحياة في الآخر، والمطلوب أن تتداعى الجهات الدولة المعنية فضلا عن الجهات الرسمية والأهلية لكي تفعل ما فعتله بمدينتين عريقتين (طرابلس اللبنانية ) و (فاس المغربية)”.
أما الباحث ومنقب الآثار مصعب محمد من دائرة أثار وتراث نينوى، فقط لفت في بحثه إلى “ضرورة الحد من التجاوزات وإجراءات الهدم التي تحصل في المدينة القديمة، وتحديد محرمات المباني الأثرية والتراثية فيها، وترك فضاء واسع حوله حيث سيعطي ذلك مجال أوسع لإبداء الأفكار والمقترحات لتطويره”.
وأوضح لـ (أصوات العراق) ان “العديد من الأماكن القديمة في الموصل قد تم العبث بها واستخدمها بشكل سيىء مثل المساجد والأديرة والحمامات القديمة التي تشتهر بها الموصل على صعيد المنطقة والوطن العربي والخانات وبعض المنازل التي تحمل طابعا تأريخيا اثريا كبيرا”.
وتابع “وحتى الأزقة التراثية، حيث تم تحويلها إلى مخازن ومحال تجارية او كراجات للسيارات وبعضها أصبح مكبا للنفايات، حيث ان المدينة في السنوات الاخيرة فقدت الكثير من معالمها التراثية والمعمارية ونخشى بعد سنوات قليلة اختفاء جميع معالم الموصل ولا يبقى لها ارث حضاري وتأريخي”.
وخرجت الندوة بـ 12 توصية للحفاظ على (مورفولوجيا الموصل) وتعني (التركيبة الداخلية للمدينة القديمة من الناحية التراثية والمعمارية والوظيفية)، حيث أكدت التوصيات على ضرورة وضع مدينة الموصل وموروثها ضمن اهتمامات المنظمات الدولية، وتشكيل لجان علمية لتوثيق الأماكن الأثرية ووضع الدراسات اللازمة.
كما تضمنت التوصيات حماية الجوامع الكبيرة ذات العمق الزمني كالجامع النوري ومحاولة تدارك منارته الحدباء الآيلة للسقوط، وإعادة بناء سور المدينة وأبوابها وقلعتها (باشطابيا).
وتضمنت التوصيات ايضا تحويل الدور السكنية التراثية الكبيرة إلى متاحف ونوادي ثقافية وسياحية او قاعات عرض للفنون التشكيلية وجعلها مطاعم خاصة بالأكلات الشعبية الموصلية، والاهتمام بالحمامات والأسواق والقناطر والمقاهي والجسر القديم بالموصل.
وتشتهر الموصل بتراثها الكبير على مستوى المنطقة وخصوصا المنشآت المعمارية بكافة نواحيها حيث تم توظيف الإمكانات المتاحة التي تصنع منها مواد البناء وكذلك البيئة والموقع الجغرافية الى لوحات فنية وفضاءات واسعة جعلت منها معالم تأريخية وحضارية إضافة الى خصائصها الوظيفية.